الرسالة
ثروة الكلمة
ربما هي كذلك ثروة عظمي ثروة عظيمة أبلغ من الرصاص والمال والقوة ..أبلغ من تلك وأكثر.. ثروة لا تقاس بلغة الاحصائيات والأرقام ثورة خافته لا أحد يعلم أو يلتفت لها .. هي ليست مجرد أحرف وكلمات مرصوصة ومنظومة لا نحسب لها حساب ..بل هي ثروة تفرض نفسها وتفرض قوتها في أي مكان اتجهت وجدت للكلمة حيز ومكان !!
أنها واحده من أقوى الأسلحة الغير فتاكه أسلحة القوة .. القوة الناعمة والأكثر تأثيرا على الاطلاق ..مع أننا في عصر نعيش فيه ثروة التقنية والتكنلوجيا والحداثة .. عصر ربما يوحي أنه بعيد عن عصور الكلام والشعر والنثر .. عصر الديجتال والارقام ..إلا أننا نتفاجأ بأن للكملة مكان ووزن وقيمة و هوية و عنوان .. لها عشاقها ومحبيها
فمن كان يتوقع أن حسابات الشعر والكلمات المأثورة والأقوال والحكم يتابعها الملايين من محبي الكلام الجميل على صفحات تويتر والفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي ..
نعم لا يزال للكلام الجميل والمقولات الجميلة و محبي الكلمات والشعر متابعين يصلون بالملايين يكسرون كل الأرقام .. ويفاجون المتابعين والراصدين بعشقهم للكلمات والمقولات والاقتباسات ..وأن هناك من يعشق الكلمات كأنما تتنزل الأن
وكما تفأجات كذلك حين أنشأت صحفة على الفيس بوك للمقولات الفلسفية وصل عدد متابعها بالآلف في غضون أيام قلائل فقط مما يعكس نهم المتابع العربي للكلمة الحية والمأثورة وتعلقه الشديد للكلام الجميل موزون أم منثور ..وبحجم التعليقات والردود
إن الكلمات ليست ترفا ليست فضولا ليست نزقا .. فكم من أمة لا تعرف إلا بشاعرها وكم من دولة أصبحت في الخارطة بفضل كاتبها .. كم شعب خلد في هذه الحياة وصار من الخالدين بمقولة أو بيت شعر ..أنها الكلمة الحية يا سادة ..إنها الثروة والقوة الغير محسوسة !!
فلماذا نستهين بها ونصرف عنها .. لماذا ونحن أمة أقرأ ..لماذا لا نجعل الكلمات أهم أولوياتنا ومهامنا وندرس ونحاضر في الكلام الجميل ليل نهار نجعله كالماء والهواء للقاصي والداني .. فا لربما كلما أو مقولة أو مقطوعة شعرية تلفت لنا الأنظار وتجعل منا شعوب منتجة ..
فإذا كنت تستهين بالكلمة فأنظر إلي حجم تأثير ذلك الموشح الأندلسي ” لما بدي ” ..وكيف سرى في العالم سريان الضوء والنار في الهشيم وتغني به العالم وكيف أن الشعوب الغير ناطقين بالعربية تغنت به رغم أنه لا يعرف قائله ولا صاحبه ولكن أضاف للنطاقين بالعربية قيمه ليست مثلها قيمة !!
وكذلك كيف كانت لرباعيات عمر الخيام خير سفيرة لنا على مدى السنين والاعوام وتمثل وزن ثقيلا لكل الناطقين بالعربية
كما إني أذكر مرة أني قد استمعت لقصة لا اعرف مدى صحتها كيف أن دولة إسرائيل عقدت اجتماع طارئ وعاجل لكبار قادتها عندما ألف الشاعر العظيم محمود درويش مقطوعته الشعيرة الشهيرة عابرون في كلام عابر فلقد اعتبرتها اسرائيل حينها قصيدة حرب .. وكيف كانت فرنسا توزع مقطوعات أحد شعارها من على متن طائرة عمودية ..كما لو كان منشور حربي ..
إن للكلمة أهمية كبيرة فإذا فشلنا عن الصناعة والاختراع والفن لماذا نفشل في صناعة الكلمة .. لماذا لا نفتتح دور ومصانع لصناعة الحرف والكلمة ..فهي اللغة الخالدة الباقية القوة الناعمة الأكثر تأثيرا .. فمرحي لصناعة الحرف و الكلمة ..
وكما قيل
- “تكتب الأمم العظيمة تاريخ حياتها في ثلاثة كتب : كتاب الأعمال وكتاب الكلمات وكتاب الفن..”
راسين
فحي على الكلمة وصناعة الحرف والكلمة .. فعندما يهب الزمن من جهة الموت ..فإن الأبداع والكلمة الجميلة يهب من جهة الخلود .